حدث وتحليل
تركي آل الشيخ… الكراكوز الذي يحرك خيوطه محمد بن سلمان
[ادارة الموقع]
السقوط الأخلاقي والمالي
هذا التقرير هو تحليل معمق للظاهرة المسماة “تركي آل الشيخ”، الشخصية التي تحولت من موظف حكومي إلى “مايسترو الترفيه” في المملكة العربية السعودية، تحت الرعاية المباشرة لولي العهد محمد بن سلمان (MBS).
لا يمكن قراءة مسيرة آل الشيخ إلا كدراسة حالة في التبعية المطلقة واستخدام المال العام كأداة لتبييض صورة السلطة، مع التركيز على الجوانب السلبية، الهدر المالي، والسطحية التي ميزت هذه المرحلة.
الفصل الأول: آل الشيخ… أداة في يد ولي العهد
تركي آل الشيخ ليس صانع قرار، بل هو “كراكوز” (دمية خيوط) يتم تحريكه بدقة متناهية من خلف الستار.
كانت وظيفته الأساسية هي إنشاء واجهة “ترفيهية” صاخبة تهدف إلى:
صرف الأنظار: تحويل الانتباه العام عن القضايا السياسية والاقتصادية الجوهرية، وإغراق الجمهور في بحر من الفعاليات السطحية والبهجة الزائفة.
تجسيد التغيير: تقديم صورة ليبرالية مستعجلة للمملكة، يتم فيها كسر التابوهات الاجتماعية بسرعة فائقة، بغض النظر عن الجودة أو الأثر الثقافي طويل المدى.
الولاء الأعمى: آل الشيخ، بعكس العديد من المسؤولين الذين لديهم قاعدة قوة ذاتية، هو نموذج للمسؤول الذي يدين بالوجود المطلق للراعي، مما يجعله أكثر كفاءة في تنفيذ الأوامر، مهما كانت مسيئة للذوق العام أو مهدرة للمال.
آل الشيخ هو الأداة المرئية، بينما القرار والقوة تكمن في اليد الخفية التي تحركه (محمد بن سلمان).
الفصل الثاني: هدر المال العام… 700 مليون ريال في 3 نزالات
إن أكبر علامة استفهام على مسيرة آل الشيخ هي الاستهتار غير المسبوق بالموارد المالية للدولة تحت شعار “الترفيه”.
فضيحة الملاكمة الكبرى:
أحد الأمثلة الصارخة على الهدر هو المبالغ الطائلة التي تم صرفها على نزالات الملاكمة الدولية. تشير التقديرات الموثوقة إلى أن أكثر من 700 مليون ريال سعودي (حوالي 186 مليون دولار أمريكي) تم ضخها في إقامة ثلاثة نزالات ملاكمة كبرى فقط.
هذا المبلغ كان يمكن أن يوجه لدعم البنية التحتية، أو الرعاية الصحية، أو التعليم، أو دعم الشركات الصغيرة، بدلاً من ذلك، تم تخصيصه لفعاليات ذات قيمة عابرة، تهدف فقط إلى:
تضخيم “الأنا” (Ego) للقيادة: إظهار القدرة على استضافة الأحداث العالمية بغض النظر عن التكلفة.
إثراء الدائرة المقربة: ضخ ملايين الدولارات في جيوب المستشارين والمتعهدين والرياضيين الأجانب، غالباً بعقود تفتقر للشفافية المطلوبة.
الاستثمارات العبثية:
بالإضافة إلى الملاكمة، تميزت مشاريع الترفيه بالبذخ والسطحية:
الحفلات الموسيقية الضخمة: استقدام فنانين عالميين بأسعار فلكية لتقديم عروض عابرة دون بناء صناعة ترفيه محلية مستدامة.
المبالغة في الديكورات: إنشاء مناطق ترفيه مؤقتة يتم تفكيكها بعد أسابيع قليلة، بهدر مادي هائل دون ترك إرث مستدام.
الفصل الثالث: التجاوزات الخارجية… الإسفاف في مصر
لم يقتصر نفوذ آل الشيخ على الداخل السعودي، بل امتد ليصبح أداة تدخل في الشؤون الإقليمية، خاصة في مصر، حيث تحول التدخل المالي إلى نموذج للإسفاف وتدني الذوق العام.
التدخل الرياضي (نادي بيراميدز):
أظهر آل الشيخ غطرسة واضحة في تعامله مع الأندية المصرية، حيث قام بشراء نادي “الأسيوطي” وتحويله إلى “بيراميدز”، كان هذا التدخل يهدف إلى:
فرض النفوذ: استخدام القوة المالية لزعزعة التوازن الرياضي والضغط على الكيانات الرياضية التقليدية مثل الأهلي.
الخلافات العلنية: تحولت تجربة آل الشيخ في مصر إلى سلسلة من الخلافات الشخصية والشتائم على وسائل التواصل الاجتماعي، مما أظهر مستوى غير لائق من التعامل لرجل يحمل صفة “رئيس هيئة”.
نشر الإسفاف الفني:
خلال فترة إشرافه على الأنشطة الترفيهية، تم دعم محتوى فني لا يمت بصلة للثقافة العربية الأصيلة، بل ركز على النمط الهابط والسطحي (الإسفاف) في الفن والمحتوى التلفزيوني والمسرحي، مما شكل تدهوراً ثقافياً موازياً للهدر المالي.
ثمن التبعية
إن مسيرة تركي آل الشيخ هي درس قاسٍ في كيفية استخدام أدوات الترفيه كغطاء للفساد المالي تحت رعاية السلطة.
لقد خدم آل الشيخ دوره كدمية بكفاءة، لكن الثمن كان باهظاً: هدر مئات الملايين من ثروة الشعب، وتدني الذوق العام، وتشويه صورة المملكة بفعاليات لا تليق بحجمها الحضاري.
في نهاية المطاف، سيظل ترکي آل الشيخ رمزاً للمرحلة التي ضاعت فيها الأولوية، حيث تقدم الترفيه العابر على التنمية المستدامة، وتقدم التبعية على النزاهة.
الكاتب: حركة الحرية والتغيير
ارسال التعليق