حدث وتحليل
ثروة الأمة تتحوّل إلى نقمة في ظل إدارة طاغية
[ادارة الموقع]
في بلدٍ يطفو على بحرٍ من النفط، يعيش المواطن السعودي وسط مفارقة مؤلمة: ثروةٌ هائلة تدرّ المليارات، لكنها لا تُترجم إلى حياةٍ كريمة للناس.
بينما ترتفع الأسعار والضرائب عامًا بعد عام، يزداد شعور المواطن بأن نعمة النفط تحوّلت إلى نقمة تفرضها سياسة احتكار الثروة وسوء إدارتها.
منذ سنوات، قفزت الضريبة المضافة من 5 ٪ إلى 15 ٪، وتزايدت تكاليف المعيشة حتى باتت تثقل كاهل الأسرة المتوسطة.
كثيرون يتساءلون: كيف يدفع المواطن ضريبةً في بلدٍ يصدر أكثر من عشرة ملايين برميل نفط يوميًا؟
الإجابة لا تكمن في الاقتصاد وحده، بل في غياب الشفافية، وفي إدارةٍ تُوجّه المال لخدمة السلطة لا الشعب.
المليارات تتدفق إلى خزائن الدولة، لكن المواطن لا يرى منها سوى الفتات.
مشاريع ضخمة مثل “نيوم” و”القدية” تُعرض كمستقبل مشرق، لكنها تبقى أحلامًا بعيدة عن حياة الناس اليومية، في وقتٍ تفتقر المدن الواقعية إلى مدارس جيدة ومستشفيات حديثة وسكنٍ ميسرٍ بأسعار عادلة.
ورغم الوعود بالإصلاح، ما زال القرار الاقتصادي محتكرًا في يد قلة، تُنفق ما تشاء دون رقابة أو محاسبة، فيما يُفرض على المواطنين الصبر تحت شعار “التنويع الاقتصادي”، لكن أيّ إصلاحٍ لا يبدأ من محاسبة المفسدين هو إصلاحٌ ناقص.
الإصلاح الحقيقي لا يكون بإرهاق الفقراء بالضرائب، بل بإعادة توزيع الثروة بعدالة.
إن الثروة النفطية ليست ملكًا لفردٍ أو عائلة، بل هي ملك الشعب كله، أمانة في يد الدولة لتصنع بها العدالة والكرامة، استخدامها لحماية مواقع الحكم أو تلميع الصورة الخارجية خيانةٌ لحق المواطن في حياةٍ أفضل.
وحتى اليوم، ما زال الشعب يطالب بحقه في دولةٍ تُعامله بمنطق الشراكة، لا بمنطق الأوامر، يريد وطنًا يُنفق على الإنسان قبل الحجر، على العلم قبل المهرجانات، وعلى الكرامة قبل الواجهة الإعلامية.
التاريخ يُسجّل ولا ينسى؛ حين تُدار الثروات بعقلية الطغيان، تتحوّل البلاد من مصدرٍ للرخاء إلى ساحةٍ للفقر والتذمّر، وما لم تتغيّر العقلية، ستبقى المملكة مثالًا للثروة التي لم تثمر عدالة، وللنظام الذي حوّل الخير إلى نقمة.
وفي النهاية، يصدح صوت المواطن في وجه الصمت الرسمي:
كفى ظلمًا، فالثروة نعمة وليست نقمة.
الكاتب: حركة الحرية والتغيير
ارسال التعليق