 الاخبار
													الاخبار
												أخبار السعودية في أسبوع: من 2025-10-11 إلى 2025-10-17
________________________________________
شهدت المملكة العربية السعودية، خلال الفترة الممتدة من الحادي عشر وحتى السابع عشر من أكتوبر 2025، استمراراً وتعميقاً للنمط السياسي والاقتصادي الذي بات يعرف بـ "نموذج الترفيه المُقنَّع".
تزامن هذا الأسبوع مع ذروة الاستعدادات لموسم الرياض، الذي يُستخدم كواجهة دولية لتصوير المملكة كمركز عالمي للترفيه والثقافة، في تناقض صارخ مع الواقع الداخلي الذي يتسم بتصعيد غير مسبوق في حملات القمع، وتدهور ملموس في المؤشرات الاقتصادية للمواطن العادي، وتسارع خطوات التطبيع الأمني والمالي مع إسرائيل تحت مسميات "الاستقرار الإقليمي" و"الاستثمار العالمي".
هذا التقرير يغوص في تفاصيل هذا الأسبوع، كاشفاً عن الهياكل الخفية التي تُبنى عليها هذه الواجهة البراقة.
________________________________________
أولاً: استراتيجية القمع المتصاعدة وتصفية الأصوات المعارضة
شكلت الأسبوع الماضي امتداداً لسياسة "القبضة الحديدية" المتبعة منذ عام 2015، حيث تعمل السلطات على تصفية أي صوت نقدي، سواء كان دينياً مستقلاً أو حقوقياً أو معارضاً سياسياً.
تؤكد التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية دولية أن وتيرة الإعدامات لم تنخفض بل تشهد تنوعاً في استهداف جنسيات متعددة، مما يرسل رسالة واضحة حول استعداد النظام لاستخدام أقصى العقوبات لضمان السيطرة المطلقة.
• إحصائيات العام 2025 (حتى منتصف أكتوبر): تجاوز إجمالي الأحكام المنفذة حاجز 288 إعداماً من 17 جنسية مختلفة، هذا الرقم يضع السعودية بثبات كأعلى دولة في العالم تنفيذاً لعقوبة الإعدام نسبةً لعدد السكان، مما يجعلها أداةً رئيسية في قاموس "الردع الاجتماعي".
• الإجمالي منذ 2015: الإجمالي التراكمي منذ بداية حملة التحديثات الأمنية الشاملة يقترب من 1877 حكماً بالإعدام تم تنفيذها، وهو ما يفوق الإحصائيات التي كانت تُسجل في العقود السابقة مجتمعة.
الهدف واضح: تجميد الحياة السياسية والاجتماعية في حالة خوف دائم.
لم يعد القمع مقتصراً على المعارضة السياسية الصريحة، بل امتد ليشمل الشخصيات الدينية التي تحاول الحفاظ على استقلاليتها عن التيار الديني المدعوم من السلطة (التيار المدخلي).
• قضية الشيخ أبو الحسن السليماني: خلال هذا الأسبوع، تأكد اعتقال الشيخ اليمني المستقل، أبو الحسن السليماني، في سجن الحائر بالرياض.
يُعرف السليماني بكونه لا يتبنى التوجه الرسمي للدولة، مما يشير إلى أن أي محاولة لتشكيل مرجعية دينية خارج الإطار الرسمي سيتم اجتثاثها فوراً.
كانت التهمة الموجهة إليه فضفاضة وتتعلق بـ "الخروج على ولي الأمر" رغم التزام السليماني الصمت السياسي العلني.
بينما تروج المملكة لاستثماراتها الضخمة في مشاريع الواجهة مثل "نيوم" و"البحر الأحمر"، تستمر الانتهاكات ضد العمالة الوافدة، وخاصة في مشاريع البنية التحتية الكبرى.
• قضية محمد القديمي (سوري): برزت قضية المواطن السوري، محمد القديمي، الذي يعمل في موقع بناء ضخم قرب تبوك، كنموذج صارخ لاستغلال نظام الكفالة.
تعمدت الشركة الكفيلة حجب راتبه لأكثر من أربعة أشهر، مهددة بترحيله دون مستحقات في حال تقدم بشكوى رسمية.
هذه الممارسات تتناقض جذرياً مع الخطاب الرسمي حول "بيئة عمل عادلة ومستدامة" الذي يُسوَّق للمستثمرين الدوليين.
على الرغم من امتلاك صندوق الاستثمارات العامة (PIF) حصصاً مؤثرة في منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، وهو ما يمنح الدولة نفوذاً غير مباشر على سياسات الإشراف، تواصل النيابة العامة ملاحقة المواطنين بناءً على قوانين مكافحة الجرائم المعلوماتية.
• تضييق الخناق الرقمي: اعتُبرت أي تغريدة أو تدوينة تحمل نقداً حتى "بنّاءً" لسياسات محددة جريمة تستوجب العقوبة بالسجن لسنوات.
يستخدم النظام سلطته في المنصة لرصد أي خروج عن النص المُصرح به، بينما يستغل حصته لمحو أو تهميش أي محتوى ينتقد القرارات العليا بشكل مباشر.
شهدت القضايا المعلوماتية هذا العام زيادة قدرها 40% عن العام الماضي (2024).
________________________________________
ثانياً: الهشاشة الاقتصادية تحت قشرة التباهي المالي
يتسم المشهد الاقتصادي في هذا الأسبوع بظاهرة "الازدواجية": إنفاق فلكي على مشاريع الترفيه والمشاهد العالمية، يقابله تآكل مستمر في القوة الشرائية للمواطن العادي وعجز مالي متزايد في الموازنة العامة.
تشير تحليلات متخصصة إلى أن الرواية الرسمية حول الازدهار المالي تتجاهل حجم الإنفاق على المشاريع الرأسمالية غير المدرة لعوائد فورية.
• تقديرات العجز: كشف تقرير "مرآة الجزيرة" عن أن العجز الفعلي في الموازنة السعودية تجاوز 65 مليار دولار حتى نهاية الربع الثالث من 2025.
هذا العجز ناتج عن تضخم التكاليف التشغيلية للمشاريع العملاقة التي لا تزال في مراحل التأسيس.
• تضخم الإيجارات: تسببت القرارات المتسارعة لتنظيم سوق العقارات والإيجارات في الرياض، استجابةً للطلب الناجم عن استقدام العمالة الأجنبية والشركات المرتبطة بالرؤية، في ارتفاع جنوني في تكاليف السكن.
ووفقاً لبيانات رصد السوق، ارتفعت إيجارات الشقق السكنية المتوسطة بنسبة 35% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام.
يستمر صندوق الاستثمارات العامة في تحويل جزء كبير من سيولته نحو القطاعات التي تخدم "الرؤية الثقافية" وليس القطاعات التي تدعم الاستقرار الاقتصادي المعيشي للمواطنين.
• استثمارات الألعاب الإلكترونية: أعلنت شركة "سافي" (التابعة للصندوق) عن ضخ 38 مليار دولار إضافية في قطاع الألعاب الإلكترونية، بهدف السيطرة على 20% من إيرادات القطاع في المنطقة بحلول 2027.
• التأثير على الضمان الاجتماعي: في المقابل، لم يتمكن صندوق التنمية الاجتماعية من تلبية الزيادة في طلبات معاشات الضمان الاجتماعي، حيث أشار تقرير داخلي غير معلن إلى أن نسبة تلبية الطلبات الجديدة انخفضت إلى 15% بسبب التقييدات المالية المفروضة على الميزانيات الاجتماعية.
أكد مهرجان الرياض الكوميدي الدولي لهذا العام الحدود غير القابلة للاختراق في سياسة الانفتاح الثقافي.
• حادثة خاشقجي وظل الرقابة: أُلغيت عروض لنجوم عالميين مشاركين في المهرجان في اللحظات الأخيرة بعد أن تضمنوا إشارات نقدية أو ساخرة تتعلق بمقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول.
هذا الانسحاب السريع أو الإلغاء القسري يثبت أن "الانفتاح الثقافي" ليس سوى استعراضٍ سينمائي يخضع لموافقة مسبقة من إدارة الأزمات في الديوان الملكي.
________________________________________
ثالثاً: التبديل السياسي والخارجية المتسارعة (التطبيع والقلق الأمني)
شهدت التحركات الدبلوماسية والأمنية لهذا الأسبوع تركيزاً على ملفي التطبيع مع إسرائيل والتحالفات الأمنية الجديدة لمواجهة إيران، على حساب القضية الفلسطينية.
تزايدت التسريبات والبيانات غير الرسمية التي تشير إلى أن المملكة تقترب من الإعلان عن تطبيع شامل مع إسرائيل، لكن بشروط مصممة لخدمة الرواية الداخلية والخارجية.
• التصريح الملكي المُسرَّب: نقل مصدر مقرب من الديوان الملكي تصريحاً (غير رسمي ولكنه موثوق) يفيد بأن المملكة مستعدة لـ "التطبيع الكامل" مقابل ضمانات أمريكية محددة تتعلق بـ "أمن إسرائيل المستدام ونزع القدرة العسكرية للمقاومة الفلسطينية".
هذا يضع القضية الفلسطينية في خانة التضحية مقابل المكاسب الأمنية الذاتية.
• التنسيق الأمني الإيراني/الحوثي: أكدت مصادر استخباراتية استمرار التنسيق الأمني المباشر بين الرياض وجهات استخباراتية إسرائيلية في ملفات المراقبة المشتركة للتحركات الحوثية في البحر الأحمر والتهديدات الإيرانية المباشرة.
تواصل السلطات استخدام أداة منح الجنسية كأداة سياسية لضمان ولاء الأثرياء والمؤثرين الاقتصاديين المرتبطين بالمصالح الغربية والإسرائيلية.
• جنسية ترافيس كالانيك: قرار منح الجنسية السعودية لمؤسس شركة أوبر، ترافيس كالانيك، قوبل بتحليل واسع.
رأى المراقبون أن هذا التكريم هو مكافأة مباشرة لدوره في دعم البنية التحتية التكنولوجية التي تخدم مصالح التحالف الغربي، ولكنه يُنظر إليه أيضاً كـ "تكريم رمزي لممولين محتملين" يدعمون الخطوات الاقتصادية نحو التقارب الإقليمي.
ظهرت انقسامات واضحة بين دول الخليج حول كيفية التعامل مع الأوضاع الإنسانية في غزة، مما يعكس سباقاً على النفوذ تحت المظلة الغربية.
• موقف الرياض وأبو ظبي: عارضت السعودية والإمارات بشدة المقترحات القطرية الخاصة بإعمار غزة بشكل مستقل، مشترطين أن يتم أي تمويل عبر آلية دولية تخضع لشروط صارمة تتضمن نزع سلاح الفصائل المقاومة.
هذا الموقف يعكس اصطفافاً تاماً مع الرؤية الإسرائيلية-الأمريكية لـ "إعادة بناء القطاع الخالي من التهديد".
في محاولة لتأمين مستقبل حكمها وحماية بنيتها التحتية الحيوية، تسعى الرياض لإبرام اتفاقية دفاع مشترك شاملة مع الولايات المتحدة، مشابهة للاتفاق المبرم مع قطر.
• الهدف الأمني: الهدف الرئيسي هو إعادة تثبيت المظلة الأمنية الأمريكية، خاصة بعد الهجمات التي استهدفت منشآت أرامكو في عام 2019، والتي أثبتت هشاشة الدفاعات الجوية المحلية ضد الهجمات الموجهة بدقة. هذه الاتفاقية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بملف التطبيع.
________________________________________
المحصلة النهائية: الرواية والتزييف
إن المشهد السعودي خلال الفترة من 11 إلى 17 أكتوبر 2025 لا يقدم سوى فصل جديد ومفصّل في رواية السلطة المطلقة التي تتخفى وراء شعارات الحداثة والتنويع الاقتصادي.
الرياض في هذا الأسبوع هي مزيج متفجر من المتناقضات:
1. قمع داخلي خانق: يُدار بواسطة ماكينة أمنية لا تتوقف عن الإعدام والاعتقال، لضمان إخضاع المجتمع لنموذج اقتصادي جديد يركز على الاستهلاك والترفيه.
2. تبذير مالي غير محسوب: يتمثل في إنفاق مليارات الدولارات على مشاريع الترفيه والفضاءات الرقمية، بينما تتفاقم الأعباء المعيشية على الطبقات الوسطى والدنيا، مما يخلق فقراً منظماً يخدم استقرار النظام.
3. تبديل سياسي مُوجَّه: يتمثل في تقديم التنازلات الكبرى على الساحة الخارجية (التطبيع والأمن الإقليمي) لضمان استمرارية النظام وتأمين الدعم الأمريكي.
إن منح الجنسية للممولين، وتطبيع الملفات الأمنية مع الخصوم السابقين، وتجاهل العجز المالي لصالح مهرجانات الكوميديا، كلها حلقات مترابطة في سلسلة واحدة عنوانها: "تحويل الوطن إلى شركة استثمار خاصة تدار باسم السلطة، يتم فيها استبدال المواطنة بالولاء المطلق".
البلد يعيش حالياً تحت سقف الترفيه المُصنَّع.
من جهة، نرى أضواء "موسم الرياض" الساطعة؛ ومن جهة أخرى، نرى ظلام غرف التحقيق في سجن الحائر.
الأمر لا يتعلق بالتنمية بقدر ما يتعلق بالهندسة الاجتماعية القائمة على ترويض الذاكرة الجماعية وإعادة برمجة الولاء عبر المال والأمن والتسويق البصري.
لا يمكن فصل العرض عن القمع، ولا يمكن فصل الرخاء المُصوَّر عن التدهور المالي الفعلي للمواطن.
الكاتب : حركة الحرية والتغيير
 
												 
												 
												 
												 
												 
												
ارسال التعليق